من أنا

صورتي
صلالة, محافظة ظفار, Oman
قال تعالى"وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" صدق الله العظيم.سورة البقرة 143

الأحد، 29 مايو 2011

الزواج في ظفار كيف كان وكيف أصبح ؟


يتميز كل بلد من البلدان بعاداته وتقاليده التي تشكل سمته الثقافية والاجتماعية ، وعلى الرغم من أن هذه العادات تكون منصهرة في التفاصيل الدقيقة لحياة المجتمع وفي كل تصرفاته إلا أنها لا تتضح بصورة جليه إلا في المناسبات العامة كالزواج والأعياد وغيرها.

وللزواج في ظفار الكثير من الطقوس التي تميزه عن باقي المناطق الأخرى فالدعوة هنا لا تقتصر على أشخاص معينين فحسب بل هي دعوة عامة والوليمة للجميع ، حيث تنصب خيمة الأعراس في المكان المعروف ويحضر إليها الأقارب والقبيلة وأهل المنطقة والمارين وغيرهم.

كانت الأعراس ما قبل السبعين وبعده بقليل محدودة العدد خالية من أي تعقيد أو تكلف، فلم تكن تزيد الوليمة في أكثر حالات الترف على رأس بقرة وجراب تمر، ثم أتت فترة الثمانينيات والتسعينيات التي أصبحت الأعراس فيها موسمية ومعقولة العدد أما الآن وقد كثرت أعداد الناس فقد طالت الأعراس كل أسابيع السنة، فلا يكاد يمر خميس إلا ويحضر كل منا عرس أو إثنين أو ثلاثة أو أكثر.

ونتيجة لهذا لم يعد المدعوون يتريثون قليلا ليشاركوا أهل الفرح وجبتهم السخية إنما يكتفون بمضغة حلوى وفنجان قهوة ثم يستأذنون للذهاب إلى العريس الفلاني والثالث وقد يصلون إلى عشرة أو أكثر في اليوم الواحد.وتأتي النتيجة الطبيعية لعدم مشاركة أغلب الحاضرين حفل الغداء هذا بأن ترمى أكوام كبيرة من اللحم والأرز في أقرب صندوق قمامة.

ومن العادات الطيبة في الزواج عادة (المغبور أو المصابحة) وهي أن يتعاون الناس مع العريس الذي تكلف الكثير فيساهم كل بحسب قدرته المادية ووجاهته الإجتماعية بمبلغ من المال يبدأ من عشرة ريالات إلى مئة ريال وقد يزيد ويصل إلى الألف . وبهذه الطريقة يتوفر للمتزوج مبالغ كبيرة تتراوح بين ثلاثة آلاف كحد أدنى إلى عشرة بل عشرين وثلاثين ألف بحسب تواصله هو مع المجتمع .

ولكني أرى أن الناس قد بدأو يستغلون هذه الخصلة الحميدة في ما لا طائل منه ، فما دامت القضية على حساب المجتمع لماذ لا يتم التباهى في إعداد الولائم وتجهيز غرف العرسان وشراء الأطقم الغالية الأثمان وغيرها من (الخرابيط ) التي يخرج معها العريس في نهاية المطاف مثقلا بالديون وتذهب معونات المجتمع سدى إلى جيوب شركات الأثاث ومحلات الديكورات والمطاعم .

وكنت أسمع في صغري أن العروس ستزف على (ثوب الأربعين) الظفاري الجميل ثم غالوا الناس في سعره حتى بلغ المئات ثم الآلاف ولم يتوانى البعض أخيرا في الترحاب بالفستان الشبه عاري - دونما خجل أو حياء - و استئجاره لساعة أو ساعتين بخمسمائة ريال أو أكثر، ناهيك عن سعره الخيالي في حالة الشراء.وكان جهاز العروس لايزيد على قليل من الثياب والعطور والبخور الظفاري ثم تطورت المسألة إلى أن بلغت عشرات الآلاف لدى بعض المبالغين.

وكانت (المزهبة ) وهي التي تقوم بتزيين العروس تحضر إلى البيت بنفسها ثم تبدل الأمر إلى الكوافير الذي لم يعد يقتصر على العروس بل أصبحن يشاركنها في هذا كل (الحاضرات) النساء اللاتي يحضرن العرس على الرغم من تكلفته الباهضة وخاصة كلما زاد عدد الحاضرات من البيت الواحد وإستمرت الأعراس كل الأسابيع .

وللكوافير هذا قصة غريبة حيث ستضطر زائرته إنتظار الدور من السادسة صباحا الى السادسة مساء أو أكثر أو أقل وترك بيتها وأطفالها على ذمة الجدة أو الشغالة أو الجيران إذا دعت الضرورة، ثم لا يكون لها نصيب من حضور الفرح إلا ساعة خاطفة لا تشعر فيها بسرور ولا سعادة وذلك لأنها قد قضت يومها كاملا في المكان الخطأ . ورغم أن هذه العادة الدخيلة لازالت في بدايتها إلا أن النساء أنفسهن يطلبن النجدة للفكاك منها وتنتظرن قرار إجتماعي رجالي جرئي وصريح في هذا الجانب.

وكان المهر بضعة مئات ثم أصبح عشرات الالاف وكأننا في سوق للإماء. وكان عقد الزواج في المدينة مرة في الشهر فأصبح ثلاثين في الشهر فأنت بين خيارين أما أن تحضر يوميا وتهمش كل أعمالك أو تحضر عقدا وتتجاهل آخر فتطيح في مطب إجتماعي من العيار الثقيل. كل هذا يحصل والكل ينتقد ويلعلع ويشكو من الحال . لكن أين من يتجرأ على المجتمع ويكسر حاجز الصمت ويركن المجاملات المقيتة على جانب ويدعوا لتنظيم المسألة .
إن الإستمرارية في السكوت على هذه المغالطات الإجتماية من شأنه أن يثقل كاهل المجتمع بالديون ويقلل من نسبة الشباب المقبلين على الزواج وبالتالي تزيد نسبة العنوسة التي بدأت تظهر على السطح ومن شأنه أن يجر المجتمع إلى إنحرافات لم يكن يعرفها وكان بإمكانه تلافيها وعدم الوقوع فيها لو كان أهل الشور فيه أهل خير وصلاح.
ومع ترحيبنا بفكرة صندوق الزواج المطروحة حاليا فإننا نؤكد أنها لن تؤتي ثمارها الطيبة مالم يعالج المجتمع اخطائه الغائص فيها حتى النخاع.

الاثنين، 23 مايو 2011

الشيخ بين الحكومة والرعية

كغيره من المجتمعات العربية يعتمد المجتمع العماني في تركيبته على القبيلة كمحرك رئيسي للأفراد،وإدراكا من الحكومة لهذا الدورفقد حافظت على استمراريته وعملت على تقويته من خلال تعزيز الوضع الرسمي للشيخ وجعله همزة وصل بين الحكومة والمحتمع.
ومع جهدهم الواضح والملموس في لم الشمل وتقريب وجهات النظر يتعرض الشيوخ بشكل مستمر لهجمات شرسة من قبل الرعية وخاصة في السنوات الأخيرة التي إزدادت فيه الأوضاع سوء بسبب قلة في الفرص التعليمية والوظيفية وتردي الوضع الإقتصادي لكثير من الناس، وقد نال الشيوخ على هامش الإعتصام نصيبهم من النقد اللاذع الذي يصل إلى التجريح في بعض الأحيان رغم أن رأيهم كان صريحا في الوقوف مع المعتصمين في إجتماعهم الأولي مع معالى وزير الدولة ومحافظ ظفار بأن الإعتصام لم يأتي من فراغ وأن الشباب يطالبون بحقوقهم الشرعية التي أخفقت الحكومة في تحقيقها ولم يبدي أحدا من الشيوخ إستعدادا للتحرك نحو إنهاء الإعتصام عن طريق القبيلة.
وهكذا تعامل الشيوخ مع الإعتصام بحسب المعطيات وبعد تجاوب السلطان مع الشعب كان لبعضهم رأي في أن الإعتصام قد أدى دوره ولم يعد هناك مبررا لإستمراره مع التأكيد على رفض الحل العسكري بتاتا .وقد أعلن هولاء رأيهم صراحة وبوضوح على الرغم من إنتقاد الآخرين لهم بأن تصرفهم هذا على لا يخدم القضية. ولكن الذي غاب عن هولاء المنتقدين هي مسألة " قبول الآخر" ولم يتركوا لأحد المجال هنا للإختلاف "فأنت معي أوضدي " . وهذه هي أم المشكلات إذا صح التعبير.


والأهم من هذا كله وسواء إتفقت القبائل في المواقف الوطنية فيما بينها أم لم تتفق ومع استمرارالثقل الإجتماعي والسياسي للقبيلة في السلطنة إلا أن ظاهرة المواطن الفرد وقدرته في التأثير على الأحداث خارج نطاق القبيلة برزت بقوة وهذه إشارة إلى أن مساهمات الفرد ستكون أكبر في ظل الإصلاحات الجديدة المتمثلة في التشريعات القانونية والرقابية لمجلسي الشورى والدولة وتفعيل المجالس البلدية وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني بالإضافة إلى المشاركة الفعالة من خلال وسائل الإعلام الرسمية وصفحات الفيس بوك الشخصية وغيرها من المنتديات الإلكترونية .
من هنا يجب علينا أن ننظر إلى الفرد كعنصر مؤثر وفعال في عمان الجديدة مع عدم تجاهل القبيلة كخيمة إجتماعية وسياسية لانستغني عنها كما أنه ليس من واجبنا أن نقصي الشيوخ ونرمي عليهم التهم جزافا دونما تحقق أو دليل.فمهما كان الشاب متحمسا تكون للشيخ أبعادا وتجارب في الحياة .

الأربعاء، 18 مايو 2011

قبول الآخر


قابلت زميلا منذ ما يقارب الشهر ، سألني عن رأي في إعتصام ظفار ، أجبته بأنني لم أعد مؤيدا لإستمراره بعد أن جاء وزيرا العدل كمبعوث للسلطان الى ساحة الاعتصام في صلالة وأنني عبرت عن رأيي هذا في الصحف، لم يتواني هذا الزميل في منحي لقب الخيانة أنا وغيري ممن يحمل مثل هذا التوجه . حاولت عبثا ان أقنعه بأن يقبل رأيي " كرأي آخر" إلا أن محاولتي كانت فاشلة . وحين قبض على بعض المعتصمين ليلة الخميس الماضي وتضامنا مع زملائه حضر أخينا صباح الجمعة إلى الميدان ليركب في الحافلة المتجهة الى سجن رزات إلا انه عدل عن فكرته في اليوم التالي عندما سمح لهم بالخروج مبررا موقفه بأن بقائه في السجن وهو غير مطلوب من قبل الجهات الأمنية ليس له أية قيمة ، بطبيعة الحال منح اللقب "الخيانه" من قبل بعض المؤيدين خارج بوابة السجن . شخصيا لم أشكك في وطنية الشاب وقدرت له تفسيره للموقف رغم التشدد الذي بدر منه تجاهي .
في السياق ذاته كنت قد قابلت أحد الأقارب فذكرت له موقفي هذا ، تغير لون وجهه وأظهر إمتعاضا من رأيي بل وصرح بأنه من العار أن أكتب ضد توجه المعتصمين ولكنه إحترم رأيي أخيرا على مضض بحكم شخصيته السمحة وقد يكون بحكم القربى.
لا يخفى على أحد أن الإعتصامات كان لها الدور الرئيسي في التغيير الذي نشهده حاليا في عمان وأن الريادة تحسب للمعتصمين الأوائل ثم الذين ساندوهم لاحقا وأنه لولا هذه الإعتصامات لما تحقق للمواطنين الكثير من مطالبهم التي ينادون بها منذ عشرات السنين ، ولكن الخطأ الذي وقع فيه بعض المتشددين هو إصرارهم على عدم قبول أي رأي لا يتوافق طرحهم بالنص .والخطأ الأكبر فيما أرى هو تفويتهم للفرص الذهبية التي جائتهم على اطباق جاهزة للخروج باعتصامهم بقوة يحسب لها ألف حساب وبقرراهم أنفسهم مع الإحتفاظ بحق العودة في أي زمان ومكان وليس بتدخل الجيش كما حصل للأسف الشديد .
وهكذا بدى حال الإعتصام والمعتصمون في الفترة الأخيرة ، ما أن تعلن الحكومة إستجابات جديدة إلا وتقابلها إنسحابات من قبل المعتصمين وهو الأمر الذي أدى إلى تناقص أعدادهم بنسبة تزيد على 70 في المئة بحسب مشاهداتي . وأصبحوا القلة القليلة بعد أن كانوا الكثرة المهيمنة.

المتابع لهذه القضية يلاحظ بروز فكر "الأنا " بقوة فكثير من المعتصميين تشددوا في ارائهم ولم يقبلوا أي رأيا آخر وما عدا ذلك فلقب الخيانة جاهز "من البعض وليس الكل" بالمجان ، وبهذا فانهم يتحملون جزء من المسؤولية وذلك لعدم تحليهم بروح المرونة من بعيد أو قريب وبسبب "مط الإعتصام" أكثر من اللازم . وهكذا عزف المطالبين بحرية الرأي على ذات الوتر الذي عزف عليه من ذي قبل الذين حاولوا تغييب المواطن عن الساحة وحرمانه من حقوقه من وزاراء فاسدين وغيرهم وذلك بتعظيم كل ما هو حكومي.
والذي أود أن أختم به مقالي أننا نعيش عمان جديدة فعلى الحكومة أن تقر بأن الإعتصامات هي صاحبة النقلة النوعية في هذه المرحلة وعلى المعتصمين أن يثمنوا تجاوبات السلطان تجاه شعبه . وعلينا أن نعي جميعا ونعمل - حكومة وشعبا – على مبدأ قبول الاخر ونبذ ثقافة الإقصاء التي كانت سائدة . فلكل منا فردا وقبيلة الحق في إعلان رأيه صراحة من الإعتصام سواء بالموافقة على إستمراره من عدمه بعيدا عن التشدد والتطرف في الرأي وبعيدا عن مصطلح التخوين الذي لا وجود له في حقيقة الأمر لأننا لسنا في حروب وجبهات قتالية مع عدو خارجي وإنما نحن في معالجات وطنية بحتة ستعود بالنفع على الوطن بلا شك .
ولا بد ان ننوه أن الحل العسكري وفض الإعتصام السلمي بالقوة امر مرفوض مرفوض مرفوض .

السبت، 7 مايو 2011

بيوت صلالة ، الكنز الدفين


إتصل بي زميل لي منذ سنة تقريبا وحكى لي من خلال اتصاله حكايته مع سائحة إسترالية في سوق الحافة الشعبي ، فبينما كانا يبحثان في محل تراثي عن هدايا تعبر عن تاريخ وحضارة هذا البلد .سألها عن رأيها في محل الهدايا هذا ثم عن السوق وبطبيعة الحال عن إنطباعها بشكل عام عن السياحة في عمان . يخبرني أنها تركت كل شي في يدها وأخذت تتوسل إليه بالسعي لإنقاذ ما تبقى من بيوت صلالة القديمة. وكيف عبرت عن حزنها البالغ على ضياع مثل هذا الكنز التراثي امام مرئى الجميع واستبدال هذا النوع من البناء المعبر عن الأصالة والحضارة ببيوت من اسمنت وحديد لا حياة فيها ولا روح .هذه دعوة من سائحة عابرة للقارات تحثنا وستنهض فينا الهمم لانقاذ هذا الطراز المعماري الفريد الذي يحكي إبداعنا وفننا وذوقنا وهندستنا الرائعة . فهل يا ترى سنستجيب لهذه الاسترالية وغيرها من دعوات المهتمين بالتراث والتاريخ أم سنقضي معا على صورة من صورنا النادرة حيث تتجاهل الحكومة الموضوع برمته او تتكاسل عن تنفيذه ويهدم الملاك والورثة هذا الارث ويقيمون بدلا منه مربعا حديثا أشبه بالسجن فيما يؤجر آخرون البيت القديم لإخواننا البنغلاديش والهنود بثمن بخس . أو تترك للكلاب والقطط المارة .
إن السائح الأجبني لن يأتي من أقصى الدنيا إلى بلدنا العزيز عمان لييطالع جسر مشيد على نهر او ناطحة سحاب أو طاجونة تعمل على قوة الرياح . فهذا الذي ذكرناه وغيره متوفر لديه بكثرة ولاجود له عندنا في الأصل ولهذا فإن عنائه سيكون غالبا في البحث عن كل ما له علاقة بالتاريخ ، فلذة هؤلاء ومتعتهم تزادد بتعمقهم أكثر واكثر في القدم . ولهذا نحن بحاجة ماسة الى تكاتف التراث والثقافة والسياحة وغيره من الجهات في بحث هذه المسالة بجدية والعمل على طرحها كمشروع تقافي سياحي فاقتصادي كونه سيجلب الكثير من المال اذا تم تنفيذه دون المساس بأصالته ومن ثم تسويقه عالميا كأحد المشاريع السياحية ذات الطابع الحضاري.
إن مدينة صلالة وغيرها من مدن ظفار الاخرى تنقسم الى قسمين الأول أطلال ذات روح وحضارة يبكي عليها الكتاب والشعراء والسواح ويستمدون منها بكائياتهم والثاني ابراج يتوق اليها بقية الناس عامة منهم وخاصة.
فيعيشوا في وهم التمدن
ولا نود أن نفوت هنا البادرة الطيبة لمعالي يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية الذي رمم بيته القديم محافظا على طابعها الأصيل مما أكسبها جمالا أخاذا عندما إستعادت الصمود في وسط المدينة وهي المبنية بالطوب والأخشاب، بطبيعة الحال ان مكانة الرجل ووضعه المادي مكنه من إستعادة تاريخة المعماري من خلال هذا القصر المازج بين الامس واليوم والذي ضخ فيه بلا شك الكثير من المال إلا أننا لسنا معذورين بأن نتفرج على بنائنا الحضاري ينهار لبنة لبنة ونقف مكتوفي الأيدي . على اصحاب هذه البيوت ورجال الأعمال والمتثقفين أن يبحثوا لإيجاد حل سريع ومثمر لهذه القضية والأمر ليس بمعجزة ولا خيالا . بل قابل للتنفيذ ومجد إقتصاديا إلى أبعد حد

الأربعاء، 4 مايو 2011

البعث البائس


لم أكن من المتفائلين كثيرا بتعامل النظام السوري مع المتظاهرين سلميا وزاد تشاؤمي مع خطاب بشار الشائخ الخاوي تماما من كل شيء له قيمة . وللأسف الشديد تحققت نظرتي التشاؤمية على أرض الواقع وكانت ولاتزال درعا مسرحها الرئيسي . لم تعد للبعث مقومات حقيقية تمكنه من التعامل مع الأزمات فالحزب كافر بكل يأتي من خارج افكاره .هو مريض بداء الفكر الأوحد وليست لديه أية قدرات في السماع لفكرة ثانية او ثالثه من اي كان حتى ولو كان محمد بن عبدالله. ولهذا كان من الطبيعي أن يتغابى عن التجارب الحية الماثلة أمامه في تونس ثم مصر ثم ليبيا فاليمن وأختار التجاهل لهذه الأحداث العظام مسلكا للتعامل مع وضعه الداخلي . متناسيا أن ما وصل الى سوريا ليس الا امتداد للموجة العربية الهائجة والثائرة على الظلم والطغيان والداعية الى الحرية والكرامة .
وللمتساءلين باستغراب لماذا لم يستفد النظام السوري من تجارب اخوانه العرب فيتعامل مع شعبه باللين وبطرح اصلاحات حقيقية ؟ أقول إن الأمر ليس بالسهولة التي كنا نتمناها فكيف لنظام تأسس على فكرة "أنا ومن خلفي الطوفان"وحكم الشعب بالحديد والنار منذ مايزيد على ال60 عام أن يتغير بين ليلة وضحاها ويتبنى الحوار وقبول الآخر وهو لم يعرف مثل هذا الفكر من قبل . ليست لدى النظام السوري أية قدرات يتمتع بها غير القتل والاعتقال والتشريد وتكميم الأفواه فمن له بالعصا السحرية ليتحول في لمحة بصر إلى أمريكا شرق اوسطية . وهكذا مثلما شب حزب البعث هاهو يشيب على التنكيل بمن لم يرتكبوا جرما إلا ان قالوا ربنا الله ومطلبنا الحرية . بكل برود قتل ما يزيد على 600 سوري واعتقل ما يزيد على الالف ولازالت درعا محاصرة بالدبابات والرشاشات والعسكر .ومثلما نهج بشار نهج اعمامه في تونس ومصر وليبيا واليمن في الاستبداد والقمع والتخويف لابد وان يحذو حذوهم في اختيار الطريق المسدود من خلال كتابة نهايته ونهاية حزبه البائس الظالم بقطرات دماء الشهداء الأحرار . فهنيئا لأهلنا في سورية الحرية وهنيئا لهم شهدائهم الأبرار وهنيئا لهم زوال البعث إلى الأبد .