من أنا

صورتي
صلالة, محافظة ظفار, Oman
قال تعالى"وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" صدق الله العظيم.سورة البقرة 143

الاثنين، 14 نوفمبر 2011

الإستثمار في رأس المال البشري

(1)

منشور في الرؤية اليوم
تابعنا جميعا صباح الإثنين 31 أكتوبر 2011 خطاب صاحب الجلالة في إفتتاح الدورة الخامسة لمجلس عمان في حصن الشموخ بولاية منح حيث يمكننا القول أن الخطاب كان حكيما ومتزنا ووافيا بكل ما تحمله هذه الكلمات من معنى ، وذلك لأنه إشتمل على كل القضايا الإستراتيجية التي تهم الوطن والمواطن والتي من شأنها المحافظة على دعم عجلة التنمية وإستمرار بناء دولة المؤسسات والقانون .
وفي هذا الإطار سنتحدث عن " الإستثمار في رأس المال البشري" الذي أشار إليه جلالته قائلا " إن الإنسان هو حجر الزاوية في كل بناء تنموي وهو قطب الرحى الذي تدور حوله كل أنواع التنمية وأن غايتها جميعا هي إسعاده وتوفير أسباب العيش الكريم له وضمان أمنه وسلامته وان الحكومة سعت جاهدة إلى توفر فرص التعليم والتدريب والتأهيل والتوظيف وان المرحلة القادمة ستشهد اهتماما اكبر ورعاية أوفر تهيئ مزيدا من الفرص للشباب من أجل تعزيز مكتسباته في العلم والمعرفة وتقوية ملكاته في الإبداع والإنتاج وزيادة مشاركته في مسيرة التنمية الشاملة ".

كما أشار جلالته إلى "عقد العزم على استكمال بنيان الدولة العصرية القائمة على أسس متينة تضمن لها استمرار تنمية الموارد الطبيعية والبشرية ونشر العلم والثقافة والمعرفة وتوفير الأمن والاستقرار وتوطيد قواعد العمل المؤسسي مما يؤدي بعون الله الى مزيد من النماء والرخاء والعيش الكريم لكل المواطنين " .
(2)
إن الحديث عن الإهتمام بالمورد البشري واضح وصريح في خطاب صاحب الجلالة ، وهو أمر لم يأتي هكذا من فراغ بل جاء ترجمة وفهما للواقع وإدراكا لأهمية هذه القضية المحورية التي باتت تقاس عليها نجاحات الأمم والشعوب المتقدمة حيث أخذت الإدارة الحديثة تؤكد على أن العنصر البشري هو المورد الأهم في بناء الدول وان الموارد المالية وغيرها تأتي ثانيا بعد الإنسان الذي طالما أشار إليه جلالته في كثير من خطاباته بأن " الإنسان هو اداة التنمية وغايتها".
(3)
ليس بخاف على أحد الاهتمام الذي أولته الحكومة مؤخرا للتعليم الجامعي من خلال السماح بإنشاء الجامعات الخاصة ودعمها ماليا وإداريا ، ثم منح كل جامعة على حده مبلغ 17 مليون ريال عماني من أموال السلطان الخاصة .
وما من شك أن تخصيص مبلغ مائة مليون ريال عماني لتنمية الموراد البشرية للخطة الخمسية الحالية والتي بدأ العمل بها من خلال الاعلانات الصادرة مؤخرا في الصحف للمنافسة على 150 بعثة ماجستير و50 للدكتوراة في مختلف التخصصات للدراسة في أفضل الجامعات الأوربية والأمريكية دليل على النظرة الثاقبة للحكومة في هذا الجانب . و تشكل الاستجابة الأخيرة بزيادة نسبة المقبولين في الجامعات عام 2011 إضافة جيدة إلى رصيد الحكومة في التنمية البشرية .

لقد أثبت رواد نظرية " الإستثمار في رأس المال البشري" نجاح نظريتهم وأن التركيز على الموارد المالية والمادية كالمصانع والمعدات والآلات دون الإنسان أمر يشوبه الكثير من القصور ولهذا فقد قلبوا المعادلة من خلال الدراسات والبحوث العلمية الأمر الذي أدى إلى حدوث تحولات كبرى في الفكر الإداري المعاصر .
ولعل من أشهر هولاء عالم الإقتصاد الأمريكي "شولتز"1902 -1998 م الذي ركز إهتمامه على عملية التعليم باعتبارها استثمار لازما لتنمية الموارد البشرية، وبأنها شكل من أشكال رأس المال. ومن ثم أطلق على التعليم اسم رأس المال البشري طالما أنه يصبح جزءا من الفرد الذي يتلقاه.
(4)
و بيكر الذي نشر كتابه "رأس المال البشري" سنة 1964، و قام بدراسة الأنشطة المؤثرة في الدخل المادي وغير المادي من خلال زيادة الموارد في رأس المال البشري، حيث بدأ الاهتمام بدراسة الأشكال المختلفة للاستثمار البشري، من تعليم، وهجرة ورعاية صحية مع تركيز محور أبحاثه بصفة خاصة على التدريب
(5)
مما سبق يمكننا القول أن الدولة قد أخذت على عاتقها الاستمرار في تنمية الموارد البشرية بكل طاقاتها وفتحت كافة السبل لمختلف المؤسسات للاستفادة من هذا التوجه ، من هنا فإنه يتوجب على الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة أن تتحمل مسؤولياتها في قضية تنمية الموارد .ودفع أبناءها في أفضل التخصصات وأن تتجاوز التعقيد والإعذار الواهية في الحد من طموحات الراغبين في تكملة دراساتهم وذلك لأن هذا الأمر يصب أولا وأخيرا في مصلحة الوطن.

كما يتوجب على الجامعات والكليات العلمية التركيز على التخصصات الدقيقة ذات العلاقة بالواقع العملي وأن تهتم بجودة التعليم ورفع كفاءة مخرجاتها بحيث تكون مؤهلة للانخراط في سوق العمل بكل ثقة وجدارة لتساهم في استكمال بناءالدولة العصرية التي وضع لبناتها سلطان البلاد.

ليست هناك تعليقات: