من أنا

صورتي
صلالة, محافظة ظفار, Oman
قال تعالى"وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" صدق الله العظيم.سورة البقرة 143

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

سجل يا تاريخ

تابعت بكل أسى ليلة الأمس أخبار المجازر التي إرتكبها المعتوه القذافي وأزلامه من ليبيا ومرتزقته من أفريقيا والمافيا الإيطاليه بحسب ما تقول بعض المصادر ، كانت ليلة معتمة حالكة على الشعب الليبي في طرابلس وبنغازي وغيرها من المدن الليبية.
في ردة فعله على مطالبة الشعب بحقوقه المدنية من خلال مظاهرات سلمية أمر الزعيم العربي الملهم الطيران الحربي بقصف المدنيين العزل فقتل بكل برود وبروح إنتقامية مهزومة حتى الان مايقارب الألف وجرح حوالى أربعة الاف من أبناء شعبه بتلك الطريقة التي لم نراها الا في القصف الاسرائيلي على غزة عام 2008 م.
لم يكتف هذا القائد العظيم بكلمة إبنه سيف التي إتهم فيها الشعب الليبي بأنهم مجموعة من مدمني المخدرات وحبوب الهلوسة والمخمورين ووعيده لهم بأنه سيحاربهم إلى آخر رمق إذا لم يكفوا عن المظاهرات وكأنه يتوعد دولة غازية معادية.
ولكن ملك ملوك أفريقيا أصر أن يشارك إبنه شيئا من السفه الذي إتصف به ،فظهر بعد خمسة أيام من قيام الثورة الليبية وفي الهزيع الأخير من ليلة أمس على التلفزيون الليبي الرسمي ليثبت للعالم أنه لم يغادر ليبيا إلى كراكاس كما أشارت بعض الأنباء وأنه لازال على كرسيه الأربعيني يمارس أبشع مجازر التاريخ في حق شعب أعزل لم يرتكب جرما إلا أن قال ربي الله وطالب بشم نسيم الحرية.
هذا الرجل الذي ما إنفك يتغنى بالعروبة وإسترداد فلسطين من أيدي المغتصبين وهدد إسرائيل بالحرب مرارا وتكرارا وإتهم الدول العربية بزعامة مصر والسعودية بالخيانة العظمى للقضية العربية الأولى لم يتردد لحظة واحدة في تذبيح شعبه وإراقة دمائه على الطريقة الراوندية أو العبرية التي طالما أدانها ووصف مرتكبيها بمجرمي الحرب وأعداء الإنسانية . فأين هو من العروبة ومن الشجاعة ومن الادمية.
ولكن ليبيا وطن الأحرار ، فقد أشارت الأنباء المتواردة على قلتها إلى إعلان القبائل وقوفها مع الثورة و إنضمام الجيش الليبي واجهزة الشرطة والأمن إلى الشعب كتيبة كتيبة ومركزا مركزا ولم يعد يوالي للقذافي المجرم الا القلة القليلة ، ولقد تابعنا جميعا عبر الجزيرة الطائرات الحربية التي هبت في مالطا وبنغازي ورفض طياريها الوطنيين هذه الأوامر الفاشستية بقصف أبناء شعبهم وليس خبر إستقالة وزير العدل والدبلوماسيين الليبين في الأمم المتحدة والجامعة العربية ولندن وواشنطن والصين والهند وأندونيسيا وغيرها إلا دليل على وطنية هؤلاء وإعتراضهم على هذا الإجرام الذي لم يسبق له مثيل.
إن الشعب العربي الليبي يرزح تحت وطأة قصف جوي غاشم إستعان فيه القذافي بمرتزقة ومافيا لا ترحم وعتم عليه إعلاميا ليخفي هذه الإبادة الجماعية وأستغل فسحة التجاهل الدولي من أجل مصلحة براميل النفط والصمت العربي المطبق - بإستثناء قطر- خوفا من المصير ذاته.
فسجل يا تاريخ ... سجل إجرام القذافي وجنونه ... سجل الخنوع والصمت العربي ... وسجل أن ليبيا وطن الشهداء والأحرار.

الاثنين، 21 فبراير 2011

ليبيا الحرة

لن يحتاج الشعب الليبي الي البحث كثيرا ليستعيد تاريخه الجهادي المشرف ، فعمر المختار محفوظ في قلب كل ليبي مخلص ونضاله يسري فيهم كسريان الدم من العروق .
يعتز كل ليبي بقائده المجاهد العظيم الذي حارب المستعمر الإيطالي طيلة حياته ووقف في وجه هذه القوة العظمى شاهرا سيفه ومتسلحا بقرءانه حتى استشهد يوم 16 من سبتمبر 1931م. ذاك اليوم الذي انحنى فيه القائد الايطالي إكبارا لهذا الرجل مؤديا له التحية العسكرية وهو العدو الذي وقف في وجه إيطاليا كل سنين عمره .
ما اشبه اليوم بالأمس .! لقد حارب الشعب الليبي الأبي المستعمر الأجنبي عقودا من الزمان وضحى بدماء أبنائه الشرفاء حتى تحقق له مراده وإستقلاله . ولم تكد قيود الاستعمار البغيض تنحل عن ليبيا حتى جائها إستعمار داخلي أبغض واكره من سابقه .
لقد حكم القذافي هذا البلد العربي الأصيل بالحديد والنار طيلة 42 عاما . إستبد فيه وطغى ،حارب الإسلام والمسلمين ، كبت فيه الحريات وشرد أبناء وطنه وإستخفهم .
ولكن الأيام دول ، فيوم لك ويوم عليك . إن يوم17 من فبراير 2011 شكل بداية النهاية لهذا الظالم المغرور ولن يتراجع الليبين بعد أن قتل القذافي مايزيد على مائتين من أبنائهم خلال ثلاثة أيام لا لشئ إلا لأنهم طالبوا بحقوقهم المشروعة .
ومثل ما كانت مدينة بنغازي بؤرة الجهاد في القرن الماضي ضد روما فإن التاريخ يعيد نفسه اليوم حيث بدات الشرارة الأولى للثورة هنا وإمتدت الى البيضاء وبرقة ودرنه ووصلت اليوم الى العاصمة طرابلس وستعم كل أنحاء ليبيا بلاشك وسيلحق معمر القذافي صاغرا ذليلا بسلفيه بن علي وحسني في نهاية غير مشرفة لايستحقون أكثر منها.
إن القذافي الجبان ، هذه الشخصية المتناقضة لم يتوانى في إستجلاب مرتزقة أفارقة ليقتلوا مواطنين ليبيين في ريعان الشباب وعمر الزهور ، نعم إنه يقتلهم بدم بارد ثم يرسل إبنه سيف القذافي ليهدد الشعب الليبي عبر التلفزويون ويصف الثائرين على الظلم بأنهم مدمني مخدرات وخمور
لقد شهدت ليبيا خلال الأيام القليلة الماضية مجزرة بشعة عتم عليها إعلاميا وتجاهلتها أمريكا واوربا لغاية في نفسها ولم تتجرأ الحكومات العربية في التعليق عليه من قريب أوبعيد وهي تخاف المصير ذاته.
ولكن بفضل الله وجهود قناة الجزيرة الحرة تابعنا بعضا من لقطات الجنون والجبروت والتقتيل الذي تنفذه مرتزقة القذافي وأدركنا أنها نهاية الظالم الذي يعمي الله بصره وبصيرته فيأتي على الأخضر واليابس دونما شعور ويقضى على نفسه بيده ويد شعبه.
وإن غدا لناظره لقريب....

الاثنين، 14 فبراير 2011

عيد الحب



قرأت الأسبوعي الماضي إعلانا في إحدى المطبوعات الإعلانية التي توزع بالمجان ،يدعو هذا الإعلان القراء إلى المشاركة في عيد الحب ويحدد المكان والزمان المقررين لهذا الإحتفال الذي يصادف 14 من فبراير من كل عام في قاموس بعض الغربيين وليس كلهم .

لم يمثل هذا الخبر شيئا جديدا بالنسبة لي ،فقد كثر الحديث عنه في السنوات الأخيرة وبدأ الإحتفال به في مجتمعنا يكبر شيئا فشيئا ،ولكن الجديد في الموضوع والذي أثار إنتباهي هو الترويج لهذه الظاهرة الدخيلة عن طريق الإعلانات وكأنها من بديهيات المجتمع.

لقد بدأت نسبة كبيرة من فئة الشباب تتأثر بمثل هذه الأفكار الغريبة بدعوى التحضر والإنضمام إلى العالم المتقدم ، غير مدركة بان هذا التقليد الأعمى للآخرين لن يجلب عليها إلا إرتباكا في الثقافة والتفكير ،والأمر من هذا والمحزن أن أغلب هؤلاء لايعلمون عن عيد الحب هذا أو ( فالنتين داي ) كما يسمونه شيئا ،وإنما هم هكذا يحتفلون مع الناس ولا يكلفون أنفسهم حتى عناء السؤال لماذا يحتفلون؟

إن هذا الإحتفال الذي أصبح يتجلى بوضوح في بعض مدننا ،وصار الشباب يعدون له العدة من شراء وردة حمراء أو نموذج قلب تخترقه سهام البعد والفراق وغيرها من التعابير الخاويه التي لا تجلب نفعا إلا للتجار الذين يجنون منها حصيلة ممتازة في نهاية اليوم، مستهجن حتى في الثقافتين اليهودية و المسيحية التي يدين بها معظم الأوربيين والأمريكان وإن كان هناك من يحتفل به عندهم. بل إن هناك من يعارضها بشدة. فلماذا يتهافت عليه النشئ والشباب عندنا؟

إن هذا التهافت لم يأتي هكذا جزافا ،ولكنه أتى نتيجة للفراغ المتراكم الذي تعيشه هذه الفئة في ظل هذا الإنفتاح العالمي العظيم ،فهناك في شمال الكرة الأرضية ينبشون في التاريخ وفي بعض الاحيان يختلقونه ثم يصدرونه كإرث حضاري للذين لم يبخلوا على أبنائهم بشراء أفضل أطباق الإستقبال ولكنهم كانوا أبخل عليهم أشد البخل في تسليحهم بتاريخهم وثقافتهم التي سيتمكنون خلالهما من صد سفاسف الأمور وأحطها مما يأتي به الاخرون.

وفي حين أن الجامعات والمعاهد والكليات في العالم أجمع تعد منبع الثقافة والفكر والحارس الأقوى لمجابهة أشياء من هذا القبيل ،فإننا نلاحظ وللأسف الشديد أنها باتت عندنا الوعاء الأمثل للإحتفال بأعياد ومناسبات كهذه التي ذكرناها.

أعتقد أن علينا مراجعة أنفسنا على المستويات التربوية والاجتماعية والثقافية والإنتباه لمثل هذا الخروقات قبل أن تتفاقم وتغير فكر جيل بأكمله ،واجزم أن كل جيل قادر على تحمل مسؤوليته إذا وجد الذي سبقه قد قام بدوره في الاعتزاز بتاريخه الإسلامي والقومي والوطني وإرثه الحضاري الأصيل.



السبت، 12 فبراير 2011

النهاية المخزية

خرج الرئيس المصري حسني مبارك إلى المجهول وبلا رجعة في مشهد مهين ومذل لرئيس أكبر دولة عربية . أبى حسني مبارك أن يخرج بكرامه وأصر على مرئى ومسمع العالم أن يكرر الدور الذي أداه أخاه التونسي قبل شهر من الان.
وكغيري من الملايين تابعت خطابات مبارك الثلاثة مؤملا نفسي أن يستجيب الرجل لثورة الشعب ليحفظ بعضا من ماء الوجه ويترك للمصريين بعضا من العاطفة التي يجدونها تجاه أحد قادة أكتوبر ولكن أملي خاب ثلاثا ،فلم تأتي خطابات الرئيس إلا لتزيد الطين بله.
كانت كل التوقعات تشير إلى أن الخطاب الثالث سيكون حاسما لثورة الشباب وللرئيس مبارك الذي سيعلن فيه التنحي . إلا أنه أتى مفاجأ للجميع بما فيهم الولايات المتحدة .
تابعت عبر الجزيرة ردة فعل ميدان التحرير . كانت مهيبة ومخيفة وعفوية وكأن القيامة قد قامت. لقد خالف الخطاب تحليل المنظرين والسياسين والصحفين حتى أخرجهم عن طورهم. وفي إتصال هاتفي مع الإعلامي الشهير حمدي قنديل قال :"هتجيني السكتة القلبية " فلم يعد للرئيس أية شرعية شعبية ولكنه مصر على البقاء. كان هذا مساء الخميس.
أصيب الشعب المصري بكافة فئاته وأطيافه بخيبة أمل كبيرة فما كان منه إلا التحرك قليلا من ميدان التحرير والزحف يوم الجمعة إلى قصر العروبة بالقاهرة ومبنى الإذاعة والتلفزيون والقصر الرئاسي بالإسكندرية .
شاء الله أن يعاند مبارك ليحقق للشعب مصري صموده في الجمعة الثالثة فيدعوا عليه وعلى نظامه ملايين المصلين جهارا نهارا ولعل من بين هذه الملايين مظلوم دعوته لاترد.

وفي ظل هذا الإحباط وفي الوقت الذي لم يكن يتوقعه المصريين- رغم إصرارهم على التظاهر حتى إنتهاء الولاية الحالية لمبارك في سبتمبر المقبل- ظهر نائب الرئيس عمر سليمان على التلفزيون المصري ليعلن في خطاب مقتضب باهت أن الرئيس قد تخلى عن منصب رئيس الجمهورية وسلم مهامه للمجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وهكذا إنتصرت الثورة وحقق الشعب مراده وأعمى الله على بصيرة الرئيس الذي حكم مصر ثلاثين عاما كي لا يستجيب لمطالب شعبه ويتنحى بعز وكرامه . وسجل التاريخ أن حسني مبارك لم يغادر سدة الحكم إلا خائفا مترقب ، سعى بكل وسيلة أن يحافظ على كرسيه الفرعوني ولم يأبه لإستشهاد مايزيد على ثلاثمائة من أبناء مصر الأحرار أو لإنهيار الإقتصاد المصري إلا أنه ضعف وإستكان أمام رغبة الجماهير وولى هاربا صاغرا كما فعل أولياء الشيطان من قبله "إن كيد الشيطان كان ضعيفا".

الثلاثاء، 8 فبراير 2011

إسرائل أم مصر

كنت طفلا في الليلة التي عرض فيه التلفزيون العماني في العام 1987 تقريرا مخيفا عن تعذيب الإسرائلين للفلسطينين أثناء الإنتفاضة الأولى ذلك القمع الذي سمي فيما بعد بسياسة "كسر العظام" .
طار النوم من قلبي تلكم الليلة فكلما حاولت أن أغمض عيني تذكرت تلك المشاهد المرعبة لجنود إسرائيلين يطلقون الرصاص على من يقف أمام دباباتهم ، يضربون شبانا وأطفالا ونساء وشيوخا بعصي من حديد ثم يجرونهم معصوبي العينين واليدين الى المصفحات .
ظل معي ذلك المشهد سنوات ، كلما رأيت ما يوحي إلى العسكرية من قريب أو بعيد أتذكر ذلك العنف ويزداد حنقي وكرهي لإسرائيل وجنودها يوما بعد يوم.
في العام 2000 تابعت مع العالم أجمع عبر شاشة الجزيرة مقتل محمد الدرة وكيف ان القناصة الإسرائلي كان يستمتع بالموت البطيئ لهذا الطفل وإنهيار والده الأعزل الذي لم يستطيع الدفاع عنه . وبطبيعة الحال واصلت متابعة الإنتفاضة الثانية التي إندلعت عقب هذه الفعلة الشنيعة وأشتركت في مظاهرة الطلبة بجامعة السلطان قابوس تضامنا مع الشعب الفلسطيني .
وكرهي لإسرائيل يزداد ويزداد.
ومنذ العام 1987 مرورا بالعام 2000 وصولا الى2011 شاهدت الكثير من الأحداث التي توثق إجرام الدولة الإسرائلية والظلم والقهر الذي يتعرض له إخوتنا في فلسطين .
وكرهي لإسرائيل ولأمريكا وبريطانيا والأنظمة العربية المتخاذلة والخونة من فلسطين يزداد ويزداد.
وكوني قليل الخبرة في فهم سياسات الدول وأنظمة الحكم لم أضع في بالي أن مثل هذا العنف والإجرام سيتكرر في دولة غير إسرائيل وأن الدول العربية والإسلامية أبعد ماتكون عن هذا الأمر.
ولكن الثورة المصرية غيرت من نظرتي هذه ووسعت من خبرتي بعض الشئ . لقد رأيت على شاشات التلفزة قناصا يقتل بدم بارد شابا أعزل من الإسكندرية. ورأيت مصفحة مصرية ترش آلاف المصلين على أحد جسور النيل بالماء الحار ثم تدهس بعضهم وكأنها تدوس قطعا من الأخشاب . ورأيت سيارة بيضاء اللون تقول القنوات الفضائية أنها تابعة لإحدى الهيئات السياسية تأتي مسرعة في وسط الاف المتظاهرين وتقذف العشرات منهم في الجو وكأنها في عرض سينمائي . ورأيت جمالا وخيولا تجري وسط ميدان التحرير لترويع المعتصمين .
مشاهد مذهلة وشرسة وشنيعة أتسائل مع نهاية كل مقطع من مقاطعها . هل هذا يحصل في إسرائيل أم في مصر التي يطالب أبنائها بحقوق مدنية وهم عزل لايرفعون سلاحا.

الاثنين، 7 فبراير 2011

شهداء وزبانية

وردني عبر البريد الإلكتروني جدولا يتضمن بيانيات تفصيلية ل52 شهيدا مصريا . تشتمل البيانات على الإسم والعمر والوظيفة ومكان الإقامة . وباطلاعي على هذه المعلومات تبين لي أن أعمار هؤلاء تتراوح بين 14 و45 سنه وهم طلبة في المدارس والجامعات و أطباء وحقوقيون وصحفيين وحملة دكتوراة من مختلف مناطق ومحافظات مصر أقباطا ومسلمين .
وعرضت الجزيرة في حصاد الأحد صورا لشباب في زهرة العمر لفظوا أنفاسهم في ميدان التحرير وغيره من ميادين مصر . شباب قام معبرا عن رأيه بالسلم فهو لم يأخذ السلاح ولم ينضم لمجموعات إرهابية أو عصابات إجرامية . شباب مثقف طموح يعي ما يقول وما يسعى من أجله .
لم يعجب هذا الأمر الأمن المصري وزبانية النظام الحاكم . فأخذوا يطلقون على فلذات أكباد مصر الرصاص الحي ويدهسونهم بالمصفحات والسيارات بدم بارد ليجعلوهم عبرة لمن لايعتبر . ولكن الشعب كان قد ثار ولم تعد تخفه مجنزرات الحزب الوطني. فلم يردع هذا الترهيب والتقتيل أبناء مصر بل دفعهم إلي مواصلتهم ثورتهم المليونية بعزيمة وإصرار .
ورغم سقوط مايزيد على5000 آلاف جريح و 400 شهيد فإن الشباب يأبى إلا مواصلة الثورة حتى إسقاط الرئيس وإن إستمرت الإعتصامات والمسيرات حتى إنتهاء فترة الحكم الحالية في سبتمبر القادم .مؤكدين لكل وسائل الإعلام أنهم ماضون في عزمهم مهما كلف الثمن ولن تذهب دماء إخوانهم الشهداء هدرا.
لقد إتخذ شباب مصر من ميدان التحرير بيتا وملاذا لهم فهم يقضون فيه النهار ويبيتون فيه الليل يأكلون ويشربون ، يقيمون الصلاة والقداس وخطب الجمعة ،بل حتى أنهم يتزوجون ، فقد عقد أحد الشباب قرانه على فتاه وشهد عليه مليونين وليس شاهدين فقط.

كل هذا يحصل والنظام يعاند غير آبه بأم تبكي إبنها أو أرملة تنعي زوجها أو طفل تيتم بينما كان والده يسعي لمزيد من الحرية والعيش الكريم.
خسرت مصر شباب كانوا ممن سيقودنها في هذه المرحلة التاريخية المهمة ولازالت الخسائر تتوالى حتى يتحقق المطلب الرئيسي . ثم يأتي نائب رئيس الجمهورية السيد عمر سليمان ويقول لمن حاوروه بالأمس أن كل شي قابل للتفاوض ماعدا رحيل مبارك. أي منطق هذا الذي يصر عليه السيدا حسني وسليمان وأي حياة هذه التي يرغبان بها على حساب مصر وشعبها وهل تصل بالإنسان الأنانية وحب النفس إلى درجة أن يزج ب84 مليون في أتون الفقر والظلم ليعيش هو هو فقط لاغيره.
ولكن الشباب عازمون على ألا تنازل او تفاوض إلا بالرحيل ، الرحيل ، الرحيل.

الأحد، 6 فبراير 2011

وفاء للشهداء

وفاء لشهداء مصر ستقام اليوم صلاة الغائب وقداس الأحد على ساحة ميدان التحرير في تعبير وصورة صادقة عن حقيقة مصر والمصريين . فلا حاجة لأن تكون هناك قوات أمن تحرس القداس ولم يساور الأقباط أي خوف من تأدية صلاتهم مع إخوانهم المسلمين .
إن الشعوب المتحضرة والمخلصة لأوطانها تتمتع بقدرات فائقة في تجاوز المحن التي يبثها الفاسدون . فحادثة تفجير كنيسة الإسكندرية ليلة رأس السنة مثلا لم تشكل عائقا في وجه الأقباط الوطنيين في ان يشاركوا إخوانهم هذه التظاهرات الوطنية المحضة فقد إحتسب الأقباط شهدائهم وإلتحموا مع المسلمين في يوم الوفاء .
يتظاهر الملايين ويسقط العشرات من مسلم وقبطي ويأبي المصريين إلا مواصلة الثورة حتى يزيحوا عن كاهلهم نظام ظالم جثم على صدورهم ثلاثين عاما. لم يعد هؤلاء يخشون مفرقعات الحزب الوطني وقنابله المسيله للدموع والمولوتوف والخيل والجمال . بل لم يعد حتى الرصاص الحي يشكل خوفا لهؤلاء فنفوسهم تواقة إلى أبعد من ذلك .إنها تواقة الى الحرية والإحساس بالذات والعيش في كرامة.
وفاء للشهداء سيواصل المصريين إعتصاماتهم في التحرير هذا الميدان الذي قلب الحزب الوطني وجلاوزته رأسا على عقب وفي الإسكندرية والسويس والمنصورة والصعيد و و و. حتى تتحرر مصر من قيود الثلاثة عقود.
في يومه الثالث عشر يزداد شعب مصر العظيم قوة ويعنف النيل بجريانه الأبدي من حاولوا إيقافه وطمسه من الوجود . في هذا اليوم العظيم يقف النيل دقيقة صمت على ارواح الشهداء واذا صمت النيل يرتعد المتاجرون بأرضه خوفا و يثور الشعب على الظلم . يثور ... يثور.

عظيم أيه النيل ... عظيم أيها المصر العربي ... وشعبكما أعظم أعظم.

السبت، 5 فبراير 2011

مصر الغاضبة 5

إلتفت مصر عن بكرة أبيها حول شبابها الواعي الواعد . أتت جمعة الرحيل لتؤكد للرئيس مبارك وأعوانه أن الشعب ماض في ثورته إلى أن تتحقق مطالبه مهما يكون الثمن . فماذا يجدي التراجع وقد سالت دماء الشباب الذي لم يرتكب جرما إلا المطالبة بالحرية والعدالة الإجتماعية.
تكرر مشهد جمعة الغضب في جمعة الرحيل .فقد أدى أكثر من مليوني متظاهر صلاة الجمعة في ميدان التحرير ونصف مليون أمام مسجد محمد إبراهيم في الإسكندرية ومئات الآف غيرهم في مختلف مدن ومحافظات مصر .
شكل المتظاهرون طيفا متمازجا لكل مصر . فهم مسلمون وأقباط ، فلاحون ، إسكندرانيون وقاهريون . شباب وكبار سن .طلبة وأساتذة جامعات ، رجال ونساء . أطفالا ومقعدين.
سجل التاريخ صورة حضارية لشعب مصر . شعب منح ثقته لشباب واع ومثقف إستطاع أن يقود ثورة مليونية وطنية نقية لم تكن لتتخللها أية أعمال تخريب لولا إرسال النظام شرطته السرية على شكل عصابات لتشويه سمعة الثورة في بداية الأمر ثم إرسال معالي صفوت الشريف بحسب ما تقول بعض المصادر جماليه وخياليه بقصد إرباك المتظاهرين إلى ميدان التحرير في حركة بدائية وسخيفة وكأنه وهو وزير سابق للإعلام لا يعلم أن هذا العار سينقل على الهواء مباشرة حول العالم وسيزيد من النظام سوء على مساوئه العظام.
إستمع 2 مليون مصري وهم في ميدان التحرير إلى خطبة الشيخ القرضاوي من دوحة قطر التي دعاهم فيها إلى الصبر ومواصلة مسيرة الخير ودعا لهم بالتوفيق والسداد ودعا على الظالمين أن يأخذهم الله أخذة رابية.
ثم خطب أحد الشبان المستقلين الذين لايتبعون لأي حزب الجمعة في التحرير . فالثورة لكل المصريين بقيادة الشباب وليس لأي حزب أن يدعي أنه هو محركها أو متزعمها.
لم يتزعزع أبناء مصر من خراطيم الماء الحار ولامن دهس مصفحات الأمن ولاسيارات الهيئة السياسية فهل يفروا من بغال وحمير النظام .
هتف شعب مصر بالنشيد الوطني الذي لا مثيل له في الوطن العربي وأصر على المواصلة وسمى الجمعة القادمة بجمعة الصمود ومطلبه لم يتزحزح "فالشعب يريد إسقاط النظام" وبعد ذلك سيقبل شباب مصر بالتفاوض.
وهكذا يرسم لنا شباب مصر لوحة رائعة بحق ، لوحة تبعث فينا روح التفاؤل والإطمئنان . فلازال في الوطن العربي من لديه القدرة والإبداع وحب التغيير.
حفظ الله مصر وشبابها ومن ثار على الظلم معهم وأزال الله الظالمين والطغاة.

الأربعاء، 2 فبراير 2011

مصر الغاضبة 4

كنت واحدا من الملايين الذين تابعوا خطاب الرئيس حسني مبارك إلى آخر لحظة مؤملا نفسي أو حالما بأن تقتحم الرجل ذرة من إيمان أو هبة من نخوة أو إنكار للذات ولو للحظة واحدة يعلن خلالها تنحيه عن الرئاسة حقنا لدماء المصريين وحفظا لبعض من بقايا ماء وجه. ولكن خيالي كان ضحلا إلى حد بعيد.
وقد أرهبني المشهد المخيف لهتاف ملايين المصريين الرافضين للخطاب فور إنتهائه مباشرة . لم يهز هذا الهتاف ساحة ميدان التحرير فحسب ولكن صداه إرتمى إلى كل أركان المعمورة . لقد جاء الخطاب مخيبا لآمال 80 مليون مصري تجاهل فيه حسني مبارك المطلب الرئيسي للشعب وحاول أن يدغدغ مشاهر الجماهير عن طريق إعطاء خلفية عن سيرته الذاتية العطرة. ولكن الأمر كان قد فات ولم يعد للعاطفة مكان في قلوب المصريين .
لم تكتفي الخمسة ملايين أو السبعة أو الثمانية من المتظاهرين كما أشارت بعض المصادر بتجاهل خطاب الرئيس بل زاد هذا الخطاب من حنقهم على مبارك ونظامه بدرجة لم تصل إليه من قبل . وهكذا نرى كلما تحدث الرئيس كلما ثار الشعب أكثر وزاد غليانه .
لقد فقد نظام حسني مبارك شرعيته الشعبية ولم يعد يتمتع بأية قاعدة يستمد منها قوته كرئيس دولة ولو فرضنا في أسوء الأحوال أن هذا الطاغية رفض التنازل عن السلطة إلا بعد إتمام ولايته الحالية وهو أمر أشبه بالمستحيل في ظل هيجان شعب النيل فلن يكون أكثر من صنم جاثم على صدور المصريين معطلا لمسألة التغيير التي يعد بها.
إن عبارة (لم أكن أنتوي الترشح لفترة رئاسية جديدة)التي سمعناها جميعا من الرئيس مبارك تذكرني بعبارة سلفه وأخيه الأصغر بن علي للشعب التونسي(فهمتكو أنا فهمتكو الان).
عجيب أمر الطغاة والمتسلطين فهم لايفهمون شعوبهم عندما تطالب بحقوقها بالحسنى . لا يفهمون هذه الشعوب إلا عندما تثور عليهم تنزف دماء أبناءها في شوارع المدن. لماذا لم يقيل حسني مبارك الحكومة الا عندما ثار الشعب ولماذا لم يطالب بتعديل دستوري ولم ينورنا بنيتة في عدم الترشح إلا في عتمة ليل أمس . ولماذا ولمذا ولمذا؟؟؟
إن شعب مصر مطالب بالصمود وستبقى مصر وسيزول شخص هذا النظام كما أشار هو في خطابه وسيغادر هذا الرجل ولكن دون حفظ لماء الوجه للأسف الشديد . بل على الأرجح سيطالب الشعب بمحاكمته على الظلم والطغيان والفساد وإذلال الشعب المصري وبيع غزة لإسرائيل وغيرها من الجرائم التي إرتكبها هو وأعوانه . لقد كان الشعب المصري طيبا وكريما مع الرئيس ولكنه لن يكون كذلك بعد هذه اللحظه كما تقول الناشطة السياسية والمدونة نوارة نجم على قناة الجزيرة في تعليقها على الخطاب .
ولتكن الجمعة الآتية جمعة الرحيل .

الثلاثاء، 1 فبراير 2011

مصر الغاضبة3

أدت يوم أمس الحكومة المصرية الجديدة التي إختارها الرئيس حسني مبارك دون الرجوع الى الشعب أدت اليمين الدستورية وهي خائفة تترقب . فالوضع خارج المبنى الذي أدت فيه الحكومة القسم صعبا للغاية ، فالتظاهرات مستمرة والغاضبين متوجهين الى ميدان التحرير في دعوة الى مظاهرة مليونية . والإنفلات الأمني وأعمال النهب والتخريب والفرار من السجون وغيرها - من الأمور التي يحملها الشعب مسؤولية الرئيس مبارك – تنتظر هذه الحكومة التي أتت على عجل وبتعيين من الرئيس المرفوض.
إن المتتبع لأحداث مصر يرى أن المطلب الرئيسي في هذه الإحتجاجات هي إسقاط النظام بكافة شخوصه من رئيس ووزير وأعوانهم . والشعب إذ يهتف بـ "الشعب يريد إسقاط النظام " يهدف من ترديدهذه العبارة الى أن يأتي رئيس وحكومة تضع رأيهم في الحسبان عند إتخاذ أي قرار وذلك أن القرارات جديرة بأن لا تتخذ إلا بعد التأكد من أنها ستخدم الوطن والمواطن .
ولكن الرئيس مبارك لازال يتجاهل هذه المطالب وأخذ يرد الصاع صاعين فقد لجأ في بداية الأمر إلى إرسال الشرطة السرية في مجموعة عصابات لتشوية سمعة المتظاهرين ولم يتوانى في قطع خدمات الإتصالات من إنترنت وهاتف نقال . ثم إتخذ قرار بإغلاق مكتب قناة الجزيرة في القاهرة وسحب تراخيص العاملين فيها وسعى لطمسها من الوجود وإخفائها من القمر الصناعي نايل سات . واخذ يتابع مع قادته المعركة ضد الشعب من غرفة العمليات وكانه في حرب مع اسرائيل.
ولم يتردد الرئيس في القرار الإستباقي بتوقيف حركة القطارات في كافة أنحاء مصر كي يحرم الملايين من التوجه الى القاهرة ومشاركة إخوانهم نداء الحرية ومواجهة الظلم والطغيان.
إن ما يحدث في مصر لأمر مخز للرئيس وأعوانه .وقد سبق وقلت في مقالات سابقة أن من أسوء ما يصل إليه الدكتاتوريين العرب أنهم لايكتفون بنهب خيرات أوطانهم ومقدرات شعوبهم عقودا من الزمان ولكنهم يصرون على مضاعفة هذا الدمار في آخر يومين أو ثلاثة من مدة حكمهم . وقد رأينا هذا بوضوح في تونس وكيف أن بن علي لم يخرج إلا بعد ان عمت بلاده الهادئة فوضى عارمة لم تعهدها من قبل وهذا مانراه الان في مصر .
وليعلم مبارك وامريكا وبريطانيا والإتحاد الأوربي الذين تواطأو معه وألانو له الخطاب أن دماء الشهداء الزاكية لن تذهب ادراج الرياح وإن السيد أبو جمال مغادرا مصر لامحالة وإن لم يكن اليو فغدا باذن الله .