قرأت الأسبوعي الماضي إعلانا في إحدى المطبوعات الإعلانية التي توزع بالمجان ،يدعو هذا الإعلان القراء إلى المشاركة في عيد الحب ويحدد المكان والزمان المقررين لهذا الإحتفال الذي يصادف 14 من فبراير من كل عام في قاموس بعض الغربيين وليس كلهم .
لم يمثل هذا الخبر شيئا جديدا بالنسبة لي ،فقد كثر الحديث عنه في السنوات الأخيرة وبدأ الإحتفال به في مجتمعنا يكبر شيئا فشيئا ،ولكن الجديد في الموضوع والذي أثار إنتباهي هو الترويج لهذه الظاهرة الدخيلة عن طريق الإعلانات وكأنها من بديهيات المجتمع.
لقد بدأت نسبة كبيرة من فئة الشباب تتأثر بمثل هذه الأفكار الغريبة بدعوى التحضر والإنضمام إلى العالم المتقدم ، غير مدركة بان هذا التقليد الأعمى للآخرين لن يجلب عليها إلا إرتباكا في الثقافة والتفكير ،والأمر من هذا والمحزن أن أغلب هؤلاء لايعلمون عن عيد الحب هذا أو ( فالنتين داي ) كما يسمونه شيئا ،وإنما هم هكذا يحتفلون مع الناس ولا يكلفون أنفسهم حتى عناء السؤال لماذا يحتفلون؟
إن هذا الإحتفال الذي أصبح يتجلى بوضوح في بعض مدننا ،وصار الشباب يعدون له العدة من شراء وردة حمراء أو نموذج قلب تخترقه سهام البعد والفراق وغيرها من التعابير الخاويه التي لا تجلب نفعا إلا للتجار الذين يجنون منها حصيلة ممتازة في نهاية اليوم، مستهجن حتى في الثقافتين اليهودية و المسيحية التي يدين بها معظم الأوربيين والأمريكان وإن كان هناك من يحتفل به عندهم. بل إن هناك من يعارضها بشدة. فلماذا يتهافت عليه النشئ والشباب عندنا؟
إن هذا التهافت لم يأتي هكذا جزافا ،ولكنه أتى نتيجة للفراغ المتراكم الذي تعيشه هذه الفئة في ظل هذا الإنفتاح العالمي العظيم ،فهناك في شمال الكرة الأرضية ينبشون في التاريخ وفي بعض الاحيان يختلقونه ثم يصدرونه كإرث حضاري للذين لم يبخلوا على أبنائهم بشراء أفضل أطباق الإستقبال ولكنهم كانوا أبخل عليهم أشد البخل في تسليحهم بتاريخهم وثقافتهم التي سيتمكنون خلالهما من صد سفاسف الأمور وأحطها مما يأتي به الاخرون.
وفي حين أن الجامعات والمعاهد والكليات في العالم أجمع تعد منبع الثقافة والفكر والحارس الأقوى لمجابهة أشياء من هذا القبيل ،فإننا نلاحظ وللأسف الشديد أنها باتت عندنا الوعاء الأمثل للإحتفال بأعياد ومناسبات كهذه التي ذكرناها.
أعتقد أن علينا مراجعة أنفسنا على المستويات التربوية والاجتماعية والثقافية والإنتباه لمثل هذا الخروقات قبل أن تتفاقم وتغير فكر جيل بأكمله ،واجزم أن كل جيل قادر على تحمل مسؤوليته إذا وجد الذي سبقه قد قام بدوره في الاعتزاز بتاريخه الإسلامي والقومي والوطني وإرثه الحضاري الأصيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق