لاتزال قضية توفير الوظائف هاجس الجميع حكومة ومواطنين ولهذا فقد صدر المرسوم السلطاني رقم 98/2011 م. بإنشاء الهيئة العامة لسجل القوى العاملة لتكون الجهة المناط بها متابعة كل القضايا الخاصة بالقوى العاملة العمانية .
ستسعى هذه الهيئة حثيثا لتوفير الفرص الوظيفية المناسبة للعمانيين وهو أمر لم يعد منه بد بعد أن أغفلت هذه القضية الحساسة حتى قام الناس يطالبون بحقوقهم التي كادت تطمس في جشع قلة قليلة .
بطبيعة الحال وحتى يكون طرحنا واقعيا يجب علينا أن نقر بصعوبة توظيف كل الباحثين دفعة واحدة ، ولهذا فإن منح الجهات المعنية بعضا من الوقت لترتيب هذا الموضوع أمر كان لابد منه للخروج بنتائج عملية وغير جامدة تتماشي مع الحاجة المستمرة للتوظيف .
لا شك أن هناك جهود تبذل على مستوى الدولة ككل في هذا الجانب ولم يأتي إنشاء هذه الهيئة المستقلة بعد ان كانت دائرة بوزارة القوى العاملة إلا لإدارك الأهمية البالغة لمسألة التوظيف هذه .
تقوم الهيئة الان بوضع البرامج المناسبة لالية التوظيف وما من شك أنه سيكون لها الدور الرئيسي والفعال في تقديم الحلول الجيدة لهذه القضية "المزعجة " . ولكني أتسائل هنا هل ستكتفي هذه الهيئة بمجرد التنسيق بين الوزارات والمؤسسات المختلفة لتجود كل منها ببعض الفرص الوظيفية لحل هذه المشكلة أم أن هناك بحثا حقيقيا وطرقا عملية آخرى غير مسألة "التبرعات" الآتية من الوزارات والشركات .
كلنا يعلم أن صعوبة وشح الوظائف يعتمد بالدرجة الأولى على إرتباطها بالجانب المالي ولولا هذا الإرتباط لما وجدت هذه المشكلة أصلا . ومع إقرارنا بهذه الإشكالية إلا أننا نتصرف أحيانا وكأن المال لا يتصل من قريب أوبعيد بالقضية مجال البحث .
نسمع بين فترة وأخرى الإعلان تخصيص مئات الملايين للمشروع الفلاني وعشرات للمشروع الآخر فيما تظل "قضية البحث عن عمل " تراوح مكانها ،هذه الملايين كما هو معلن تعد من فائض الموازنة العامة وليست من المبالغ المخصصة في الخطة الخمسية.
وإن كان سيرد علي المختصين في قضايا "التوظيف والمالية" وسيرحعون إلى تفاسيرهم ومعاجمهم إلا أنني سأسأل إستباقا ! ألا يجوز ضخ هذه الأموال لتوفير فرص عمل أكثر ، خاصة وأن المشاريع التي خصصت لها هذه المبالغ قد لاتكون بالملحة أو الحاسمة في هذه اللحظة التي لا نزال نهتف فيها بصوت واحد أن " البحث عن عمل " قضيتنا الرئيسية الأولى ولا بد من العمل على حلها بواقعية صرفة بما يضمن توفير الحياة الكريمة للمواطن العماني .
إن قرارات كهذه تكلفنا عبئا إقتصاديا وإجتماعيا وقد يكون سياسيا كان بإمكاننا تفاديه بكل سهولة ويسر ولهذا فإن الإقتصاديون يطلقون على مثل هذا االقرار بـ" تكلفة الفرصة البديلة " وذلك أن ضخ وصرف أموال في مشروع ما سيحرمك بشكل مباشر من الإستفادة منها في مشروع آخر .
فلماذا لا يتم تأجيل بعضا من هذه المشاريع المليونية الغير "ضرورية جدا" إلى أن يتم الإنتهاء من هذه القضية الشائكة التي نناقشها على الطاولة الآن وهي أكثر إلحاحا وتلامس كل المجتمع العماني من أقصاه إلى أقصاه مع علمنا أن تكلفتها الإقتصادية ستكون ضيئلة بالمقارنة بمساهمتها في تنشيط الحركة الإقتصادية محليا بحسب ما أشار معالي درويش بن إسماعيل البلوشي في أحد تصريحاته معلقا على فرصة ال50 ألف وظيفة التي أتت بأوامر سامية قائلا " أن الموظف الذي يستلم راتبا شهريا سيقوم بصرف جزء منه في السوق العماني من خلال حاجاته اليومية وهذا بحد ذاته يحرك عجلة السوق المحلي"
اجيبوا علي واقنعوني بالله عليكم ، لماذا لانقدم الوظائف أولا ، خاصة وأن هناك الالاف من العمانيين الذين ينتظرون الدور بفارغ الصبر من سنوات طويلة وهم مستوفين كافة الشروط من حيث أنهم حاملي الشهادات والمؤهلات ومن معيلي الأسر وحالهم في الإلتزامات اليومية كحالنا إن لم يكن أكثر .
لا أرى في الهيئة العامة لسجل القوى العاملة أكثر من جهة تنسيقية بين الوحدات الحكومية المختلفة يفترض أن تلم إلماما دقيقا بأعداد القوى العاملة العمانية ومؤهلاتها وإهتماماتها ثم تقوم بتوجيه هذه القوى أو إقتراح أو توفير فرص عمل لها في الجهات المختلفة ولكني لا أعتقد أن بإمكانية الهيئة القيام بهذا الدور إذا لم يتم توفير المخصصات المالية للوظائف في هذه الجهة أو تلك كي تقوم هي بترشيح الشخص المناسب للوظيفة المناسبة وتؤشر بعد ذلك على ملفه أنه أصبح حاصلا على عمل ولم يعد باحثا وتستلم ملف شخصا آخر ( وهنا الشخص الواحد للترميز فقط ولا نقبل بأن يكون الترشيح للعمل بأقل من ال60 ألف المتبقية في سجل القوى العاملة ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق