من أنا

صورتي
صلالة, محافظة ظفار, Oman
قال تعالى"وجعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" صدق الله العظيم.سورة البقرة 143

الأربعاء، 26 يناير 2011

مملكة غرناطة

كنت أقود سيارتي في أطراف المدينة فلمحت شابين ينتظران سيارة الأجرة وقفت بجانبهما وأشرت عليهما بالركوب ،وما أن ركبا حتى سألني أحدهما عن الاسم التجاري المسجل على باب السيارة ،أجبته ،غرناطة!فلاحظت عليه الاستغراب من هذا الإسم فسألته ،هل تدري ما معنى غرناطة ؟ فكان الجواب بلا ،فسألتهما في أي صف أنتما ؟ أجابا :الصف الثاني الثانوي .قلت في الثانوية العامة ولم تمر هذه الكلمة على مسامعكما من قبل ! فماذا تعرفان إذن عن ريال مدريد و برشلونة ؟ فجاءت الإجابة سريعة جدا بأنهما فريقيهما المفضلان في الدوري الأسباني.

وقبل أن أخبرهما بحل اللغز الذي يحيرهما طلبت منهما الإجتهاد في الإجابة مرة أخرى. ولكن للأسف لم تكن هذه المحاولة بأفضل من الأولى ،بل جاءت مخجلة إلى أبعد الحدود ،حيث كان جواب الأول أن غرناطة هي الشيء الصغير! وأجاب الآخر بأنها معادلة في الرياضيات! هنا صعقت وقلت في نفسي واسفاه على مستقبل الأمة ... وكيف سيكون حالها إذا كان شبابها بهذا المستوى المتدني من الثقافة والإطلاع!

ثم أخذت أشرح للشابين بعضا من تاريخ هذه المملكة ،قائلا أن غرناطة هي عاصمة الدولة الإسلامية في بلاد الأندلس (أسبانيا حاليا) وقد فتحها المسلمين في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بقيادة القائد الشهير طارق بن زياد عام 712 م. واستمر فيها الحكم الإسلامي منذ ذلك الزمن حتى عام 1492 م.أي لمدة تصل إلى حوالى ثمانمائة عام إتسمت بأنها من أفضل عهود الدولة الإسلامية تطورا وإزدهارا .

فقد إتسعت رقعة العالم الإسلامي في أوربا من خلال دولة الأندلس وكان من أشهر مدنها ،قرطبة ،أشبيلية ،لشبونه، برشلونة ،بلد الوليد، وغرناطة التي لاتزال تحكي عراقة التاريخ الإسلامي من خلال قصورها العملاقة والتي يعد قصر الحمراء الذي بناه ملوك بنو الأحمر أكثرها شهرة حيث يتميز بتصميمه الهندسي الفريد والأخاذ.

لقد إزدهرت الدولة الإسلامية في هذا العهد أيما إزدهارا وكانت مقصد طلبة العلم من مختلف البلدان حتى أنها صارت مركزا تعليميا وثقافيا يفد إليه المثقفين والشعراء والعلماء من كل أنحاء العالم .

ومع كل ما قام به المسلمون في هذه البقعة البعيدة عن الوطن العربي وتاريخهم المشرف هناك ودورهم العظيم في تغيير فكر العالم وحمل مشاعل النور لمئات السنين فإن الكثير منا - صغارا وكبارا- لايزال يجهل هذا التاريخ الأسطوري للأمة .
ومما يدعو للأسف ،بل وللحزن والبكاء أن يقود طارق بن زياد جيوش المسلمين لفتح الأندلس وهو في العقد الثاني من عمره بينما لاتزال نظرة أبناء العشرين في هذا العصر لاتكاد تتعدى سهرة في مقهى أو متابعة مباراة كرة قدم بين فريقي ريال مدريد وبرشلونة ، هذا ناهيك عن شح معلوماتهم عن فاتحي الأمه العظام امثال موسى بن نصير أو قتيبة بن مسلم أو طارق بن بن زياد .

فمن يا ترى المسؤول عن فقر الشباب بتاريخ أمتهم وإسلامهم ،هل هي وزارة التربية ؟ بمناهجها السطحية .أم المدرسة بطرقها التقليدية في التدريس ؟ أم البيت والمجتمع الذي لايكاد يعرف شيئا عن العزة والكرامة التي عاشها أسلافنا في عصورهم الذهبية؟


سالم الكثيري

ليست هناك تعليقات: